كتاب مسألة وجوب تخميس الغنيمة

فإن احتج القائل المذكور، بأن استقراء أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغازيه وقسمته الغنائم تقتضي ذلك؛ فأول ذلك غنائم بدرٍ: قسم منها لمن لم يشهدها، وربما فضل بعض حاضريها، حتى قال بعض العلماء: كانت غنائم بدرٍ خاصةٌ له صلى الله عليه وسلم ، يفعل بها ما يشاء.
قلنا: هذه دعاوي باطلة:
أما استقراء أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليس فيها ما يقوله هذا القائل، وإن وجد في بعض المغازي ما يوهم بعض ذلك، فذلك في قضية عينٍ لا عموم لها فلا حجة فيها، ولا يحل لأحدٍ منابذة النصوص والإجماع بسببها، ولا إيهام ضعفة الناس أن هذا من شرع النبي صلى الله عليه وسلم الشائع المعروف المستمر في المغانم كلها.
وكيف يتجاسر على هذا من له أدنى إلمامٍ بمطالعة الأحاديث؟!
وقد روى أبو داود في ((سننه)) وغيره من أصحاب السنن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمةً، أمر بلالاً فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم فيخمسها ويقسمها، فجاء رجلٌ من بعد ذلك بزمامٍ من شعرٍ، فقال: يا رسول الله: هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة. فقال: ((أسمعت بلالاً نادى ثلاثاً؟)) قال: نعم، قال: ((فما منعك أن تجيء به؟)) فاعتذر

الصفحة 36