أما من يقول: كانت كلها له صلى الله عليه وسلم خاصةً يفعل بها ما يشاء، كغيرها من أمواله المختصة، فلا يحتاج إلى جواب؛ إذ لا شبهة فيها للقائل المذكور.
فإن قال القائل المذكور: قد نقلت في الغنائم أحوالٌ مختلفةٌ، فيمكن أنه فعل ذلك على سبيل المصلحة ومقتضى الحاجة.
قلنا: ليس بلازمٍ وقوعها على حسب ما يقوله القائل المذكور، بل كانت بحسب الغنائم والغانمين ومستحقي النفل والرضخ وغير ذلك.
فإن ادعى القائل خلاف هذا، فليأت به مفصلاً، ولا قدرة له عليه على وجهٍ تقوم به الحجة.
فإن قال هذا القائل: إن الشافعي رحمه الله تناقض قوله في هذه المسألة؛ حيث أوجب تخميس الغنيمة وقسمة باقيها بين الحاضرين بالسوية، مع أنه يقول: إن مكة فتحت عنوةً ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم منقولها ولا عقارها، ولا سبى بها ذريةً، فقد رأى أن يدع غنائمها لمن كانت في يده ولا يقسمها بين غانميها، فلولا جوازه ما فعله.
قلنا: هذا غلطٌ فاحش، ونقلٌ باطل، واختراعٌ على الشافعي رحمه الله؛ فإن مذهب الشافعي المعروف في جميع كتبه وكتب جميع أصحابه المشهورة والخفية: أن مكة فتحت صلحاً، وأما عبارة الغزالي في ((الوسيط))، فموهمةٌ خلاف هذا، وهي مؤولةٌ عند أصحابنا إحساناً للظن