كتاب مسألة وجوب تخميس الغنيمة

ذلك، وهذا لا يمنعه أحد من العلماء، بل هو دليل لصحة ملكهم وتأكد حقهم.
وأما ما ذكره القائل المذكور من رأي علي رضي الله عنه، فإن قصد به أن علياً كان هم بنقض فعل عمر، فليأت بدليلٍ صريحٍ له في ذلك، ولا قدرة له عليه، ولو وجد ذلك، لم يكن فيه دلالةٌ لما حاوله هذا القائل من عدم وجوب القسمة بالسوية، بل فيه تصريحٌ بالرد على هذا القائل؛ لأنه قال: هم بردها إلى الغانمين، فدل على استحقاقهم لها.
وإن قصد أن علياً هم بردها إلى الغانمين بطريقٍ آخر، أو لم يدر ما قصد، لم يكن فيه دليلٌ لما يدعيه هذا القائل.
وأما ما نقله عن الأئمة بعد علي، فإن أراد أنهم قرروا ما فعله عمر من وقفها على المسلمين، لم يكن فيه حجةٌ، وإن أراد شيئاً آخر له فيه شبهةٌ، فلا بد له من إثباته بإسنادٍ صحيح، ولا قدرة له عليه.
فإن قال هذا القائل: لو تتبع متتبعٌ المغازي وأراد أن يبين أن غنيمةً واحدةً قسمت على جميع ما يقال في كتب الفقه من التخميس والتنفيل والرضخ والسلب، وكيفية إعطاء الفارس والراجل، وتعميم الحاضرين، لم يكد يجد ذلك منقولاً من طريقٍ معتمد.
قلنا: هذا فاسد؛ لأنه لا يلزم من عدم الوجدان عدم الوجود، وقد قامت دلائل شرعيةٌ مفرقةٌ مقررةٌ لما في كتب الفقه، فلا يجوز العدول عنه لعدم اطلاع الباحث على غنيمةٍ وجد جميع تلك الجزئيات فيها.
وما نظير من يتعلق بهذا الخيال إلا من يقول: لا يشترط نية الصلاة ولا ترتيب أركانها، ولا يشرع فيها مجافاة المرفق عن الجنب في الركوع والسجود وتسوية الظهر في الركوع، والافتراش في الجلوس بين السجدتين

الصفحة 44