كتاب مسألة وجوب تخميس الغنيمة

فإن احتج هذا القائل: بأن كثيراً من العلماء قالوا: مال الفيء ومال الغنيمة شيءٌ واحد، وحينئذٍ يجب حمل آيتي الفيء والغنيمة على أن ذلك مردودٌ إلى رأي الإمام.
قلنا: هذا احتجاجٌ باطلٌ لوجهين:
أحدهما: أن من يدعي الاجتهاد المطلق والتمسك بالحجج الشرعية فيما يرومه من مخالفة الإجماع، كيف يصح اعتماده في ذلك على تقليده لبعض العلماء المخالفين للجمهور في جعل الفيء والغنيمة شيئاً واحداً؟
الثاني: أنه لو ثبت كونهما شيئاً واحداً، لم يلزم من ذلك عدم تخميس الغنيمة المنصوص عليه في الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
فإن قيل: آية الغنيمة مخصوصةٌ بالإجماع؛ لأنه يخص منها السلب والنفل؛ فإنهما لا يخمسان عند الشافعي، والعام إذا خص، لم يبق قطعي الدلالة.
قلنا: أما قوله في السلب فصحيح.
وأما قوله في النفل فباطل، بل الصحيح من مذهب الشافعي والراجح عند أئمة أصحابه: أن التنفيل الآن يكون من خمس الخمس.
وأما قوله: لم يبق قطعي الدلالة، فكون الدلالة قطعيةٌ ليس بشرطٍ في الفروع الظنيات، والله أعلم.

الصفحة 52