كتاب الغرامية في مصطلح الحديث

المقدمة
الحمد لله الكريم المنان، واسع الفضل والإحسان، والصلاة والسلام على كامل الخلق والخلق، سيد ولد عدنان، سيد الأولين والآخرين من بني الإنسان، وعلى آله وصحبه، والمتبعين له بإحسان وبعد:
فإن أعظم ما بذل فيه الجهد، واستنفرت له الهمم، وقضيت فيه الأوقات، خدمة كتاب الله العزيز، وسنة رسول الله البشير النذير - صلى الله عليه وسلم -، أما الكتاب العزيز فجهود العلماء فيه ظاهرة معلومة، وهو محفوظ من الله - عز وجل - {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (¬1) فتحقق وعد الله - عز وجل -، إذ وعته العقول، واستوعبته الصدور، وفي وقت قريب من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون في مصحف واحد بعناية واهتمام، فتحقق له الحفظ والصون والأمان، فلا ينال منه شيطان من إنس ولا جان.
أما سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبقيت معرضة للتزوير والتحوير، وهو أمر خطير وشر مستطير، حذر منه البشير النذير - صلى الله عليه وسلم - فقال: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) (¬2)، وهذه لفتة نبوية إلى أن الكذب عليه سيقع لا محالة، لذلك حذر منه أمته، فكان هذا الخبر منه - صلى الله عليه وسلم - دافعا قويا لأمته من بعده لأخذ الحيطة والحذر في النقل عنه - صلى الله عليه وسلم - فالحديث عنه شديد كما قال زيد بن أرقم - رضي الله عنه - (¬3)، وهكذا احتاط الأصحاب - رضي الله عنهم - لأنفسهم، يقول أنس
¬_________
(¬1) الآية (9) من سورة الحجر.
(¬2) أخرجه البخاري في (ص 712) كتاب أحاديث الأنبياء، باب (50) حديث (3461).
(¬3) أخرجه ابن ماجه في (1/ 11) المقدمة، باب (3) حديث (25).

الصفحة 5