كتاب الغرامية في مصطلح الحديث

هذا بين أن يكون أراد به البخاري أو علي بن المديني (¬1) رحمة الله على الجميع، وقد كتب فيه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة تتمة رجح فيها أن المعني بذلك الإمام على بن المديني (¬2)، والذي أراه أن مسلما أراد الإمامين البخاري، وشيخه علي بن المديني، لأن هذا مذهبهما ويتجه نكير الإمام مسلم على البخاري باعتباره جعل ذلك أحد الشروط التي بنى عليها تأليف كتابه الصحيح، وربما اغتفر مسلم هذا للبخاري إذ لم يعمم هذا، وجعله قاصرا على ما رواه معنعنا في الصحيح، ولأن ما احتج به الإمام مسلم من أن أحاديث اتفق الأئمة على صحتها، ومع ذلك ما رويت إلا معنعنة، ولم يأت في خبر قط أن بعض رواتها لقي شيخه، لا يتم إلزام الإمام البخاري به إلا إذا روى في صحيحه حديثا معنعنا، ولم يثبت لقي راويه لشيخه فيه، ومن هنا اتجه شرط البخاري، وكان هو الأحوط (¬3)، وبقي النكير ساريا في حق الإمام ابن المدينى للعموم عنده، وكما قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة: رحمة الله تعالى على مسلم ومخالفيه، فكل منهما قصد الحفاظ على السنة المطهرة، فمسلم أراد الحفاظ عليها من أن يعطل شطر كبير منها، بالتشدد في شروط قبولها، فكان ذلك في نظره من باب التعنت على السنة والإلغاء لها، لا من
¬_________
(¬1) انظر ما حرره ابن رجب رحمة الله علينا وعليه (شرح علل الترمذي 265 - 286، ولخصه الشيخ عبد الفتاح في تتمته على الموقظة ص: 125 - 127).
(¬2) انظر (الموقظة - التتمات ص: 134) ..
(¬3) انظر (النكت 2/ 596، 598). وقد لخصه الشيخ عبد الفتاح في (تعليقه على التتمة الثالثة على الموقظة ص: ... 123).

الصفحة 82