كتاب دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية

فبعد أن وجد من المعارضة والمتعلقين بالأضرحة والقبور أمثال ابن عرير حاكم الأحساء، الذي كان في وقته له هيمنة ونفوذ رأي على بعض حكام نجد، والذي حرض حكام العيينة على إبعاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومعارضته فيما يدعو إليه بعد كل هذا نزح من العيينه قاصداً الدرعية، فوصلها ونزل ضيفاً على محمد بن سعود، حاكم الدرعية وشرح له دعوته ومعارضة المعارضين فما كان من محمد بن سعود عليه رحمة الله إلا أن رحب به وعاهده على نصرة دين الله، والذب عنه، ونصرة التوحيد، وقد فوص الشيخ محمد بن عبد الوهاب في اتخاذ الطرق الإسلامية في نشر الدعوة والدعوة إليه، فانطلقت الدعوة من بلد آمنة بعد أن اطمأن الشيخ على أن الدعوة ستنطلق بقوة وثبات، مؤيده من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فانطلقت الدعوة مؤيدة من إمارة الدرعية بزعامة الإمام محمد بن سعود فواكبها النصر تلو النصر، واتسعت الدائرة بفضل من الله وتوفيقه، حتى جاوزت نجداً ومدنها، وقراها إلى الحجاز وعسير، ومن ثم إلى بلاد العالم الإسلامي حتى أصبحت بحمد الله مثار الإعجاب والقناعة التامة في كثير من البلاد الإسلامية والعربية.
ويحسن أن أنقل لك أيها القارئ الكريم شيئاً من رسائل الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب تتعلق بتوحيد العبادة كتبها إلى أهل المغرب توضح حقيقة الدعوة وأدلتها الشرعية، والرد على من عارضها، قال قدر الله روحه ونور ضريحه:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له
ومعرفتهم بالأخطار الجارفة المحيطة بالأمة، وغيرتهم على إنقاذها من الأدواء الخلقية والاجتماعية ... ويعلم الله عز وجل أن الأمة الإسلامية رأت أياماً حالكة السواد، ورياحاً هوجاً ربما لم ترها أمة من قبل ولا من بعد.، ولكن الله سلم.
لقد ظهرت المحن في حياة المسلمين، واختفت بفضل الله عز وجل، ثم بجهد الدعاة المصلحين، وقد تحطمت جميع الحركات الهدامة، والموجات العارمة من الشرور والمفاسد، ثم بقي الإسلام هو الإسلام كما أنزله الله عز وجل، ولقد رد أبناء الإسلام على مؤامرات الخوارج والمعتزلة والباطنية، وتصدوا لموجات الشر يوم أن "رمانا الشرق بدواهيه، وساق إلينا جيوش التتر تحط على بلدان الإسلام العامرة، كما تحط الجرد على الحقل الزاهر، فلا تدع من مظاهر العمران إلا ما يدع الجراد من البوار والخراب".
أبادت الممالك، وهدمت العروش، حتى بلغ هولاكو عرش الخليفة في بغداد، فذبح الخليفة وهدم العرش، وترك بغداد العظيمة حاضرة الدنيا خرائب وأطلالاً، ثم ساح في الأرض لا يرده شيء، وحسب الضعفاء أنها نهاية الإسلام، فإذا الإسلام يطوي أعداءه.. ويدخلهم في رحابه ويظللهم برايته، ويجعلهم جنداً له وأعوانا، وتنسى المصيبة حتى لا يدري اليوم أكثر الناس ما خبر التتار؟
ويوم القرامطة الذين هزموا جيوش بغداد، وعدوا على الحجاج فذبحوهم ذبح النعاج، واستلو الحجر الأسود، فمن يعرف اليوم ما قصة القرامطة؟ ومن يذكر القتلة الحشاشين من الباطنية، والوحوش السود من

الصفحة 17