كتاب دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية

الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأئمة ممتثلين لقوله سبحانه وتعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه} ، فمن لم يجب الدعوة بالحجة والبيان، قاتلناه بالسيف والسنان، كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} وندعو الناس إلى إقام الصلاة في الجماعات على الوجه المشروع، إيتاء الزكاة وصيام شهر رمضان، وحج بيت الله الحرام، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر كما قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} .
فهذا هو الذي نعتقد وندين الله به، فمن عمل بذلك فهو أخونا المسلم له مالنا وعليه ما علينا.
ونعتقد أيضاً أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم المتبعين لسنته لا تجتمع على ضلالة، وأنه لا تزال طائفة من أمته على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، وصلى الله على محمد.
وقد اطلع الشريف غالب حاكم مكة المكرمة وعلماؤها على ما كتبه الشيخ إلى الشريف وعلماء مكة المكرمة في بيان ما دعى إليه من توحيد الله وعبادته، وإنكار ما عليه الكثير من سواد المسلمين من تعلق بالقبور والمقبورين فأيدوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وكتبوا ما يلي:
الحمد لله رب العالمين، نشهد -ونحن علماء مكة الواضعون خطوطنا واختامنا في هذا الرقيم- إن هذا الدين الذي قام به الشيخ محمد بن عبد الوهاب
أكثر مما ذكروا نجداً1 وتشرقوا إليها، وقالوا فيها أعذب وأمتع المعاني التي تزكى الأحاسيس وتطرب النفس.
وإليك ما قاله أحد الأعراب:
أكرر طرفي نحو نجد وإنني ... إليها وإن لم يدرك الطرف أنظر
حنيناً إلى أرض كان ترابها ... إذا أمطرت عود ومسك وعنبر
بلاد كأن الأقحوان بروضه ... ونور الأقاحيس وشيء برد محبر
أحن إلى أرض الحجاز وحاجتي ... خيام بنجد دونها الطرف يقصر
وما نظري من نحو نجد بنافع ... أجل ولكني إلى ذاك أنظر
__________
1 ليس من السهل فهم جغرافية العرب وخاصة نجد، لأنه لا يوجد هناك تقسيم قبل هذا العصر للولايات والإمارات، وبالإجمال فإن نجد منقسمة إلى ثلاث نواح كبيرة:
1- الناحية الشمالية الغربية وتسمى شجرون، مدنها الشهيرة: حائل-والقصر.
2- الناحية الشمالية الشرقية وتسمى القصيم، ومن مدنها الشهيرة: عنيزة –بردية.
3- الناحية الجنوبية وتسمى العارض، ومن أشهر بلادها الرياض، وتسمى ناحية العارض (بجبل اليمامة) أيضاً، وهذا في الأصل اسم للجبل والناحية التي تقع حولها تسمى (وادي حنيفة) أو "اليمامة" وتقع مدينة العينية مسقط رأس الشيخ محمد، والدرعية مركز دعوته في هذا الوادي، وهي كالقلب في نجد: للمزيد من التفاصيل راجع دائرة المعارف الإسلامية ج3 ص893-96..

الصفحة 21