كتاب دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية

الجرار، ويتدافع المسلمون بأكفانهم يطرقون أبواب الجنة بجماجم الكفارين من جنود بيزنطة، وسالت الدماء أنهاراً، وتطايرت الرؤوس بلا حساب، وشرعت أبواب الجنة تستقبل المؤمنين، وشرعت أبواب جهنم تستقبل الكافرين، وتطلب المزيد ... وما كاد النهار أن يستكمل دورته حتى هدأ ضجيج المعركة، وارتفع في الأجواء صوت المنادي ينادي:
أبشروا يا جند الإسلام لقد أسر رومانوس.
فتعالت إذ ذاك أصوات المسلمين الله أكبر الله أكبر، وإذ فرغ ألب أرسلان وجنده من أداء ركعات شكر لله عز وجل، على نصره وتأييده، التفت إلى بعض جنده، وقال لهم: إلي برومانوس، وجيء برومانوس مشدود الوثاق مكبلاً بالأصفاد، فقال له ألب أرسلان:
يا رومانوس، ألم أعرض عليك المال والأرض والممتلكات لتكف عن أذى الإسلام وحرمات المسلمين ... ؟
قال رومانوس: بلى.
قال القائد المؤمن: فلم لم تقبل؟
قال رومانوس: ظننت أني سأقضي على جيشك، وأسحق دولتك.
قال القائد المؤمن: أما وقد أخزاك الله يا رومانوس، ما تظن أني فاعل بك ... ؟
قال رومانوس: إن شئت فاقتلني، وإن شئت جرني بالسلاسل، وإن شئت تقبل فديتي وتعفو عني.

الصفحة 38