كتاب دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية

{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (المؤمنون:52) .
ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فأولها صلح بالاعتماد في شؤونهم كلها على الكتاب والسنة، وعلينا نحن إذا أردنا حياة العزة الإسلامية سابغة، أن نتعاون على البر والتقوى فيما بيننا، ونجتمع على تعاليم ربنا، وهدى نبينا صلى الله عليه وسلم، ونتحاب في الله عز وجل، ونرجع عند الاختلاف إلى الله والرسول، تنفيذاً لقوله عز وجل:
{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (النساء: 59) .
وحينئذ تمتد أمواج الحق لتبدد ظلام الباطل، فينبلج نور الفجر معلناً عن يوم جديد تشرق فيه أشعة الإسلام، لتكشف زيف جيوش الظلام، ويهتف هادي التوحيد "شعارنا الوحيد: إلى الإسلام من جديد"، فتجدد الآمال وتمتلئ المساجد بالركع السجود كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، مثلما كانت عليه أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، وتعج قاعات المحاضرات في الجامعات والمدارس والجمعيات بمن يستمع الذكر والحكمة بآذان صاغية، وقلوب واعية متيقناً بأن المستقبل للإسلام، وأن دولة الخلافة على منهاج النبوة لا بد آتية لا ريب فيها، وترتفع الهامات والرؤوس وتتطهر النفوس مستعلية بالإيمان على الدنيا، وأصحابها وعلى الباطل وأعوانه، وتنحني رؤوس الموحدين لله رب العالمين إيذاناً بأن جيلاً قرآنياً سلفياً صالحاً قد ولد من جديد بعاطفة إيمانية تأبى إلا أن تفرض نفسها، ً وتبرز وجودها، وتبرهن على حياتها وحيويتها، لأنها ليس من صنع البشر، ولكنها من صنع الله عز وجل، الذي ألف بها بين عباده الصالحين:

الصفحة 470