كتاب دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية

في مجال التطبيق العملي، والممارسة السلوكية في شؤون الحياة والاجتماع، بالإضافة إلى كشف كل زيغ وانحراف، ونفض الغبار الذي علق على المفاهيم الصحيحة لتعاليم الإسلام، ولقد كان رحمه الله تعالى إلى جانب شخصيته الوعظية المضيئة يتلهف لإقامة دولة إسلامية قادرة على تحمل مسؤوليات الوازع والراد، فكان للشيخ محمد رحمه الله تعالى فضل الإنجاز والإخراج والريادة للدولة الإسلامية المباركة في جزيرة العرب.
ولقد جمع الله تبارك وتعالى لعبده محمد بن عبد الوهاب موهبة القيادة وصفات الزعامة الدينية لدعوة جددت حياة المسلمين، وتجازوت حدودها إلى آفاق وأبعاد واسعة، تم ذلك بفضل الله تعالى، ثم جهاد الشيخ رحمه الله تعالى، ومن معه من المخلصين ضد الشرك بجميع أشكاله وألوانه، وضد البدع والخرافات والانحطاط، ثم أقام وفي فترة وجيزة كياناً إسلامياً استوعب نظريات الدولة الحديثة، وأجمع فيها النشاذ وأرسى فيها القواعد الثابتة، لتكون أقدر على المواجهة وتحمل العبء الثقيل والأمانة الكبرى لما يستقبل من الأيام.
ولقد غيرت حركة الشيخ وفق المنهج الإلهي وجه الجزيرة العربية تغييراً أساسياً مذهلاً. وكان الشيخ رحمه الله تعالى رائدها الأمين وواضع خطط الإصلاح العملي الذي تمثل في جلسات وندوات للحديث حول العقيدة وأحوال المجتمع، يصحب ذلك أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ودعوة إلى الله تبارك وتعالى بالحسنى والموعظة الحسنة بأسلوب وقور، وأخلاق رفيعة، وكلمات وادعة تنبض بالحياة والحياء والوضوح والأصالة، ولاعتماده رحمه الله تعالى على أساسين كبيرين هما: التوحيد الخالص، والدعوة إلى الاجتهاد المشروع، وبهذين

الصفحة 86