كتاب دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية

وسئل رحمه الله عن معنى "لا إله إلا الله"، فأجاب يقول:
(اعلم رحمك الله أن هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والإسلام، وهي كلمة التقوى، وهي العروة الوثقى، وهي التي جعلها إبراهيم باقية في عقبه لعلهم يرجعون، وليس المراد بقولها باللسان مع الجهل بمعناها، فإن المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار، مع كونهم يصلون ويتصدقون، ولكن المراد بقولها مع معرفتها بالقلب ومحبتها ومحبة أهلها، وبغض ما خالفها ومعاداته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله مخلصاً ... " وفي رواية: "صادقاً من قلبه" وفي حديث آخر: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله" ... إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة. فاعلم أن هذه الكلمة نفي وإثبات، نفي الألوهية عما سوى الله تعالى من المخلوقات حتى محمد صلى الله عليه وسلم حتى جبريل، فضلاً عن غيرهما من الأولياء الصالحين، إذا فهمت ذلك فتأمل هذه الألوهية التي أثبتها الله ونفيتها عن محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل وغيرهما أن يكون لهم منها مثقال حبة خردل، فاعلم أن هذه الألوهية هي التي يسميها العامة في زماننا السر والولاية، والإله معناه الولي الذي فيه السر وهو الذي يسمونه الفقراء الشيخ، ويسميه العامة السيد، وأشباه هذا، وذلك أنهم يظنون أن الله جعل لخواص الخلق منزلة يرضى أن الإنسان يلتجئ إليهم ويرجوهم ويستغيث بهم، ويجعلهم واسطة بينه وبين الله، فالذي يزعمه أهل الشرك في زماننا أنهم وسائطهم الذين يسمونهم الأولون الإله، والواسطة هو الإله، فقول الرجل: لا إله إلا الله، إبطال للوسائط، وإذا أردت أن تعرف هذا معرفة تامة فذلك بأمرين:
الأول: أن تعرف أن الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلهم وغنم أموالهم

الصفحة 91