كتاب دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية

واستحل نساءهم، كانوا يقرون لله سبحانه بتوحيد الربوبية، وهو أنه لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يميت ولا يدبر الأمر إلا الله، كما قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} وهذه مسأله عظيمة مهمة، وهي أن تعرف أن الكفار شاهدون بهذا كله ومقرون به، ومع هذا لم يدخلهم ذلك في الإسلام، ولم يحرم دماءهم وأموالهم، وكانوا يتصدقون ويحجون ويعتمرون، ويتعبدون ويتركون أشياء من المحرمات.
ولكن الأمر الثاني: هو الذي كفرهم وأحل دماءهم وأموالهم، وهو أنهم لم يشهدوا لله بتوحيد الألوهية، وهو أنه لا يدعى ولا يرجى إلا الله وحده لا شريك له، ولا يستغاث بغيره، ولا يذبح لغيره، ولا ينذر لغيره، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، فمن استعان بغيره فقد كفر، ومن نذر لغيره فقد كفر، وأشباه ذلك، وتمام هذا أن تعرف أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون الصالحين مثل الملائكة وعيسى وعزير وغيرهم من الأولياء، وكفروا بهذا مع إقرارهم بأن الله هو الخالق الرازق المدبر.
إذا عرفت هذا عرفت معنى لا إله إلا الله، وعرفت أن من ناجى نبياً أو ملكاً أو ندبه أو استغاث به فقد خرج من الإسلام، وهذا هو الكفر الذي قاتلهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن قال قائل من المشركين نحن نعرف أن الله هو الخالق الرازق المدبر لكن هؤلاء الصالحين مقربون ونحن ندعوهم وننذر لهم، وندخل عليهم ونستغيث بهم بتلك الوجاهة والشفاعة، وإلا فنحن نفهم أن الله هو المدبر، فكل كلامك هذا مذهب أبي جهل وأمثاله، فإنهم يدعون عيسى وعزيراً والملائكة والأولياء يريدون ذلك، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ

الصفحة 92