كتاب دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية

زُلْفَى} (الزمر: 3) ، وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (يونس:18) . فإذا تأملت هذا تأملاً جيداً عرفت أن الكفار يشهدون بتوحيد الربوبية، وهو التفرد بالخلق والرزق والتدبير، فهم يناجون عيسى والملائكة والأولياء، يقصدون أنهم يقربونهم إلى الله.
ويشفعون لهم عند الله، وعرفت أن الكفار خصوصاً النصارى من يعبد الله الليل والنهار، ويزهد في الدنيا ويتصدق بما دخل عليه منها معتزلاً في صومعة عن الناس، ومع هذا هو كافر عدو الله مخلد في النار بسبب اعتقاده في عيسى أو غيره من الأولياء، يدعوه ويذبح له وينذر له، فقد تبين لك صفة الإسلام الذي دعا إليه نبيك صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ"، فالله الله يا إخواني، تمسكوا بأصل دينكم وأوله وآخره، ورأسه وشهادة أن لا إله إلا الله واعرفوا معناها وأحبوها وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين، واكفروا بالطواغيت، وعادوهم وأبغضوهم وأبغضوا من أحبهم وجادل عنهم ومن لم يكفرهم، وقال ما على منهم أو قال ما كلفني بهم فقد كذب على الله وافترى، فقد كلفه الله بهم وفرض عليه الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانهم وأولادهم، فالله الله، تمسكوا بذلك لعلكم تلقون ربكم ولا تشركون به شيئاً، اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين.. ولنختتم كلامنا بآية ذكرها الله في كتابه تبين أن كفر المشركين من أهل زماننا أعظم كفراً من الذين قاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْأِنْسَانُ كَفُوراً} (الإسراء) .
فقد سمعتم أن الله سبحانه ذكر عن الكفار أنهم إذا مسهم الضر تركوا السادة

الصفحة 93