كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

أما دور الحشد: فمن بعثته إلى هجرته إلى المدينة المنورة، واستقراره هناك، وفي هذا الدور اقتصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الحرب الكلامية، يبشر وينذر، ويحاول جاهداً نشر الإسلام، وبذلك كوّن النواة الأولى لقوات المسلمين، وحشدهم في المدينة المنورة بالهجرة إليها!

وأما دور الدفاع عن العقيدة: فمن بدء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإرسال سراياه وقواته للقتال، إلى انسحاب الأحزاب عن المدينة بعد غزوة الخندق، وبهذا الدور ازداد عدد المسلمين، فاستطاعوا الدفاع عن عقيدتهم ضد أعدائهم الأقوياء!

وأما دور الهجوم: فمن بعد غزوة الخندق إلى ما بعد غزوة حنين، وبهذا الدور انتشر الإسلام في الجزيرة العربيّة كلها، وأصبح المسلمون قوة ذات اعتبار وأثر في بلاد العرب، فاستطاعوا سحق كل قوة تعرضت للإسلام!

وأما دور التكامل: وهو من بعد غزوة حنين إلى أن التحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى، فقد تكاملت قوات المسلمين بهذا الدور، فشملت شبه الجزيرة العربية كلها، وأخذت تحاول أن تجد لها متنفّساً خارج شبه الجزيرة العربية، فكانت غزوة تبوك إيذاناً بمولد الدولة الإسلاميّة الكبرى!
بهذا التطور المنطقي، تدرجّ الرسول القائد العصامي بقواته من الضعف إلى القوة، ومن الدفاع إلى الهجوم، ومن الهجوم إلى التعرّض، وبذلك بزّ كل قائد في كل أدوار التاريخ؛ لأنه أوجد قوة كبيرة ذات عقيدة واحدة وهدف واحد من لا شيء!
تلك هي الميزة الأولى للرسول القائد - صلى الله عليه وسلم -!

الصفحة 164