كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

ولنعرف أن هناك عصابة من المضلّلين الخادعين أعداء البشرية، يضعون لها المنهج الإلهي في كفة، والإبداع الإنساني في عالم المادة في الكفة الأخرى، ثم يقولون لها: اختاري! إما المنهج الإلهي في الحياة والتخلي عن كل ما أبدعته يد الإنسان في عالم المادة، وإما الأخذ بثمار المعرفة الإنسانيّة والتخلي عن منهج الله! وهذا خداع لئيم خبيث!
فالمنهج الإلهي ليس عدواً للإبداع الإنساني، إنما هو منشئ لهذا الإبداع وموجّه له الوجهة الصحيحة .. ذلك كي ينهض الإنسان بمقام الخلافة في الأرض .. هذا المقام الذي منحه الله إياه، وأقدره عليه، ووهبه من الطاقات المكنونة ما يكافئ الواجب المفروض عليه فيه، وسخر له من القوانين الكونية ما يعينه على تحقيقه، ونسق بين تكوينه وتكوين هذا الكون ليملك الحياة والعمل والإبداع .. على أن يكون الإبداع نفسه عبادة لله، ووسيلة من وسائل شكره على آلائه العظام، والتقيّد بشرطه في عقد الخلافة، وهو أن يعمل ويتحرك في نطاق الأسوة الحسنة بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومعالم السيرة النبويّة، كما هي في القرآن، والواقع!
ولنعرف أن الحياة في رحاب الآيات المتعلقة بالسيرة النبويّة نعمة كبرى يعجز القلم عن تصويرها, ولا يعرفها إلا من فقهها وأبصرها في حياة خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم -، ومن ثم نحيا في كنف الله ورعايته، ونعمل جاهدين على أن نكون خلفاً صالحاً لسلف صالح، وتنطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة، وتنطلق الطاقات الإنسانيّة الصالحة للعمل والبناء، وتعود إلينا سيرتنا الأولى!

2 - الأحاديث الصحيحة:
سبق أن ذكرنا في مصادر السيرة كثرة الآثار, وأنها قد كثر فيها عدم الالنزام

الصفحة 203