كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

وإن كنت حاكماً فاقتد بسنته وأعماله - صلى الله عليه وسلم -، حين مَلَك أمر العرب، وغَلَب على آفاقهم، ودان لطاعته عظماؤهم، وذوو أحلامهم!
وإن كنت تعيش في وطن غير إسلامي، ذلك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، أيّام كان بمكة قبل الهجرة!
وإن كنت فاتحاً غالباً، ذلك في حياته - صلى الله عليه وسلم - نصيب أيام ظفره بعدوه في (بدر) وغيرها!
وإن كنت مصاباً فاعتبر به - صلى الله عليه وسلم - في يوم (أحد)، وهو بين أصحابه القتلى، والمثخنين بالجراح!
وإن كنت معلِّماً فانظر إليه وهو يعلّم أصحابه في صُفّة المسجد وغيرها!
وإن كنت متعلّماً فتصور مقعده - صلى الله عليه وسلم - بين يدي الروح الأمن جاثياً مسترشداً!
وإن كنت داعياً ناصحاً مرشداً أميناً، فاستمع إليه - صلى الله عليه وسلم - وهو يعظ الناس!
وإن أردت أن تقيم الحق، وتصدع بالمعروف، ولا ناصر لك، ولا معين، فانظر إليه بمكة، والطائف .. لا ناصر ينصره، ولا معين يعينه، وهو - صلى الله عليه وسلم - يشكو إلى الله أمره، ومع كل ذلك يدعو إلى الحق، ويُعلن به!
وإن هَزَمْت عدوك، وخضّدت شوكته، واستتبّ لك الأمر، ولا ترى من عدوك خطراً، فانظر إليه - صلى الله عليه وسلم - يوم دخل مكة وفتحها!
وإن أردت أن تصلح أمورك، وتقوم على ضياعك، فانظر إليه - صلى الله عليه وسلم - وقد مَلك من الغنائم ما ملك، كيف دبّر أمورها، وأصلح شؤونها، وفوّضها إلى من أحسن القيام عليها!
وإن كنت يتيماً فانظر إلى يتمه - صلى الله عليه وسلم -!

الصفحة 216