كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

في الوقت الذي تحرك صوب القيادة حزب الشيطان، بعد أن تخلّى عن القيادة والريادة عباد الرحمن!
ومن ثم دانت معظم أطراف الأرض لحزب الشيطان! وكان الثقل على صدر العالم الإسلامي النائم!
تُرى، لو كان مقدّراً لهذا العالم الإسلامي أن يموت، لمات في خلال فترة الاسترخاء والإعياء، وفي إبان حركة حزب الشيطان!
ولكنه لم يمت؛ بل انتفض حياً متفاعلاً، يزيل الركام الهائل عن صدره، وينفض النوم العميق عن جفنه، ويحطم الأغلال، ويكسر القيود!
وحيثما مد الإنسان بصره اليوم شعر بهذه الانتفاضة الحيّة، وشعر بالحركة المتفاعلة، حتى الشعوب التي ما تزال في أعقاب دور الاسترخاء، والتي ما تزال مرهقة بالأثقال، حتى هذه الشعوب يدرك المتأمل في أحوالها أن الحياة تدبّ في أوصالها، ويرى خلال الرماد وميض نار توشك أن يكون لها ضرام!
تُرى، ما الذي احتفظ لهذه الشعوب بحيويّتها الكامنة بعد قرون كثيرة وعديدة، طويلة الأمد، من النوم والاسترخاء، ومن الضعف والخمود، ومن الهبوط والركود، ومن أساليب الجحود والكنود، والضغط والقسر، والاحتلال البغيض الذي بذل جهده لتقطيع أوصالها، وإخماد أنفاسها؟!
إنه الإيمان المتمثّل في العقيدة القوّية العميقة، التي لم يستطيع حزب الشيطان قتلها، على الرغم من كل تلك الجهود المتواصلة المتواكبة، التي وجهت إلى الفكر والروح، والاجتماع والسياسة!
هذه العقيدة التي تدعو معتنقيها إلى المقاومة والكفاح، لتحقيق الاستعلاء على حزب الشيطان وألاعيبه، وعدم الخضوع للظالمين!

الصفحة 219