كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

والمسلمون أولى الناس بهم إيمانًا وتصديقًا، وجاء خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم - بالصورة الأخيرة لـ (الدّين القيّم) لدعوة البشريّة كلها إلى يوم القيامة!
وهكذا تتلفى الأمة المسلمة تراث الرسالة كله، وتقوم على دين الله في الحياة، ويشعر المسلمون -من ثم- بضخامة دورهم في هذه الأرض إلى أن تقوم الساعة، ويتوجهون إلى ربهم بالطاعة والتسليم، ويعرفون أنهم صائرون إليه، فيطلبون مغفرته من التقصير!
إنها الوحدة الكبرى التي هي طابع العقيدة الإسلامية:
الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، بلا تفريق بين الرسل .. والسمع والطاعة، والإنابة إلى الله .. واليقين بيوم الحساب!
وإنها العقيدة التي تصوّر موكب الإيمان الواحد، من مبتدأ الخليقة إلى منتهاها، وخط الهداية المتّصل الموصول بأيدي رسل الله جميعاً، المتدرجّ بالبشريّة في مراقي الصعود، الكاشف لها عن الناموس الواحد، بقدر ما تطيق، حتى كانت الرسالة الخاتمة التي أعلنت وحدة الناموس كاملة!
ونظرة إلى قصص الأنبياء والرسل في القرآن الكريم (¬1)، وفي أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وما أنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- من الدعوة إلى التوحيد، وإخلاص العبوديّة لله تعالى وحده، وعرض ما جرى لهم من أممهم وأقوامهم، وبيان ما كان في أقوامهم من رذائل الشرك والوثنيّة، ومنكرات الأخلاق، وسفساف الاجتماع، وتحذير الأنبياء والرسل لهم من عواقب هذه الخبائث، وإنذارهم بطش الحق وبأسه، وما رمى الله به تلك الأمم من عذاب استأصل به الظالمين،
¬__________
(¬1) محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 1: 229 وما بعدها بتصرف.

الصفحة 24