كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)
وقطع دابر المعاندين، كما قال الله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)} [العنكبوت: 40]!
تبيّن مقدار العناية التي أضفاها القرآن الكريم، والسنة الصحيحة المطهرة، على النبوّة ومكانتها، وعلى حياة الأنبياء، ومقام الرسالات والرسل، من تعظيم وتقدير!
وقلما يجد الباحث سورة من سور القرآن الكريم في طِوَلَه، لا يجد فيها ذكراً للنبوّة والأنبياء، والرسل والرسالات .. وقد يطول الحديث عن بعضهم في إسهاب تقتضيه المناسبة، يكشف كثيراً من أحداث التاريخ, كما في قصص نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى - عليهم السلام .. وقد يختصر الحديث عن بعضهم في إيجاز معبّر أصدق تعبير .. وفي القرآن سورة تسمّى سورة الأنبياء!
والقرآن الكريم يقصد إلى استكمال الحجة والموعظة، عندما يتطلّب الحديث تنويع البرهان والموعظة، فيذكر شيئاً في موضع آخر من القصة، يجعله كالتمهيد، ليضيف إليه ما لم يذكر هناك، حتى تكتمل القصة في جوّها ومناسبتها، بما يقتضيه مقام الحديث عنها، ومن هنا قال علماء البلاغة:
(لكل مقام مقال)!
بيد أن الذين يقفون في سفح البحث ممن لا يستطيعون القدرة على السبح في محيطه، لا يرتفع نظرهم إلى حقيقة الأسلوب البياني في هذا الكتاب المبين، ولكنهم يرون لأول نظرة عابرة أنهم أمام قصص مكرّرة، وسير معادة،
الصفحة 25
1884