كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

3 - أنبياء في الجزيرة:
وثالث ما يطالعنا: أنها كانت مكاناً لكثير من الرسالات، ومن ثم فبعثة خاتم النبيّين في الجزيرة لم تكن وحيدة، فهذا هود - عليه السلام - أقدم من إبراهيم - عليه السلام - كان من قوم عاد، وكان موطنها الأحقاف، والحِقْف: ما استطال واعوج من الرمل (¬1)، وكانت منازل عاد على المرتفعات المتَفرقة في جنوب الجزيرة: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)} [الأحقاف]!
وقد قالوا إنه كان أول نبي بعد نوح عليه السلام: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70)} [الأعراف]!
وهذا النص يومئ كما يقول الشيخ أبو زهرة - رحمه الله - (¬2): إلى أن هوداً جاء من بعد نوح، وأن قومه كانوا خلفاء من بعد نوح، ويُشير من جهة أخرى إلى أن قوم نوح كانوا في أرض العرب، كما كان خلفاؤهم!
¬__________
= نبي الله! ما كان أول بدء أمرك؟ قال: "دعوة أبي إبراهم ... " الحديث: 5: 262، وابن سعد: 1: 102، وإسناده حسن، كما قال الهيثمي، وله شواهد تقوية: مجمع الزوائد: 8: 222، وانظر الطيالسي: منحة المعبود: 2: 86، وفي سنده فرج بن فضالة، والطبراني في الكبير: 8: 175 (7729)، والأصبهاني في دلائل النبوة: 1: 239.
(¬1) المعجم الوسيط (حقف).
(¬2) خاتم النبيّين: 1: 47.

الصفحة 357