كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)
شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة! فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تُبعث في نسب قومها! وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا، فقلت: لو قال أحد هذا القول قبله لقلت: رجل يأتي بقول قيل قبله! وسألتك: هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك. قلت: رجلٌ يطلب مُلك أبيه! وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا؛ فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله! وسألتك: أشراف الناس اتّبعوه أم ضُعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتّبعوه، وهم أتباع الرسل! وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإِيمان حتى يتمّ! وسألتك: أيرتدّ أحدٌ سَخْطَةً لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإِيمان حين تخالط بشاشتُه القلوب! وسألتك: هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر! وسألتك: بما يأمُركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف! فإِن كان ما تقول حقًّا، فسيملك موضع قَدَمَيَّ هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكُن أظُنُّ أنه منكم! فلو أنّي أعلم أنّي أخْلُصُ إِليه لَتجشَّمْتُ لقاءه، ولو كنت عنده لغسَلْتُ عن قَدَمه (¬1)!
¬__________
(¬1) البخاري: 1 - بدء الوحي (7) وانظر (51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553 , 5980، 6260، 7196، 7541)، والأدب المفرد (1109)، وخلق أفعال العباد (63، 64)، ومسلم (1773)، وأحمد: 1: 262 - 263، وانظر: الترمذي (2717)، وابن منده: الإيمان (143)، والبيهقي: "الدلائل": 4: 381 - 383.
الصفحة 39
1884