كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)
النبيين، ورسولاً إلى العالمين برسالة شاملة عامة خالدة، يجد فيها كل جيل في كل زمان وفي كل مكان مطالب حياته الروحية، ومجال عقله وتفكيره، ونظام حياته وعيشه، ووشائج علائقه في أفراده وجماعاته وأممه وشعوبه!
فما كُتب وما يكتب عن رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - في شمولها تشريعاً وهدياً، وعمومها زماناً ومكاناً، وأعصراً وأجيالاً، وفي خلودها بمعانيها وحقائقها، وأنظمة الحياة في تقنينها وأحكامها، وحكَمها ودعائم قيمها الروحيّة، وأسلوبها في التعبير عن مقاصدها وأهدافها، ووسائلها، وطرائق منهجها في التوجيه والإرشاد لم يسجّل إلا نقطةً في خط الدراسة والبحث!
وما كُتب وما يكتب عن شخصيّة محمد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته وشمائله وأخلاقه وخلائقه، وإبراز خصائصه الإنسانيّة التي جبله الله عليها، وأدّبه بها, لتكون عدّته في اقتداره على حمل عبء رسالته الخالدة الخاتمة لرسالات السماء، لم يأت ولن يأتي إلا على بعض معالم هدايته في رسالته، وإلا على بعض خصائصه في إنسانيّته، وما حباه الله به من الكمالات البشريّة؛ لأنه اختاره رسولاً إلى الناس كافة في الأزمنة والأمكنة والأحوال كافة!
فلابدّ إذن أن يكون لكل جيل من البشريّة في كل زمان ومكان، وجيل وقبيل، وعصر ومصر، وعلى أيّة حال من العلم والمعرفة حظّه من رسالته، وحظّه منه في دعوته وهدايته، ومنهجه وشمائله .. مهما اختلفت بالناس مناحي الحياة، وطرائق التفكير .. ومهما (تطورت) العلوم والمعارف ووسائلها، ومهما تنوّعت أساليب الحياة الاجتماعيّة في المجتمع البشري .. ومهما بلغ العقل الإنساني من مراتب النضج في التفكير!
الصفحة 50
1884