كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

ولما أجمعوا أمرهم على بناء الكعبة وبنيانها، قام فيهم أبو وهب ابن عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم -كما قال ابن إسحاق- (¬1) فقال لهم: (يا معشر قريش، لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيباً، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس)!
وعند موسى بن عقبة: أن الذي أشار عليهم بذلك هو الوليد بن المغيرة المخزومي، وأنه قال فيهم: (لا تجعلوا فيه مالاً أُخذ غصباً، ولا قطعت فيه رحم، ولا انتهكت فيه ذمة) (¬2)!
ثم أخذوا في البناء على مواضعهم، وقد شارك النبي - صلى الله عليه وسلم - في البناء (¬3)، فلما انتهوا إلى حيث يوضع الركن الأسود من البيت قالت كل قبيلة: (نحن أحق بوضعه، واختلفوا حتى خافوا القتال، ثم جعلوا بينهم حكماً أول من يدخل من باب بني شيبة، فيكون هو الذي يقضي بينهم، فكان أول داخل عليهم من ذلك الباب محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد روى أحمد من حديث السائب بن عبد الله بسند حسن، وفيه: فقال بطن من قريش: نحن نضعه، وقال آخرون: نحن نضعه، فقالوا: اجعلوا بينكم حكماً، قالوا: أول رجل يطلع علينا من الفج، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أتاكم الأمين، فقالوا له، فوضعه في ثوب، ثم دعا بطونهم، فأخذوا بنواحيه، فوضعه هو - صلى الله عليه وسلم -) (¬4)!
¬__________
(¬1) السيرة النبوية: ابن كثير: 1: 277.
(¬2) فتح الباري: 7: 181 دار الريان، ط. ثانية 1409 هـ 1988 م.
(¬3) انظر: البخاري: 63 - مناقب الأنصار (3829)، ومسلم: 3 - الحيض (340)، وعبد الرزاق: 5: 102 - 104، والسيرة: الذهبي: 30.
(¬4) أحمد: 3: 425، وانظر: الفتح الرباني: 20: 250 - 201، والسيرة النبوية: ابن كثير: 1: 281، ومنحة المعبود: 2: 86 (2316).

الصفحة 504