كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحداً، ولا يعيّره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده (¬1)، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتى إن كان أصحابه يستجلبونه (¬2) في المنطق، ويقول: إذا رأيتم طالب حاجة فارفدوه (¬3)، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ (¬4)، ولا يقطع على أحد حديثه، حتى يجوز فيقطعه بانتهاء (¬5)، أو قيام!
ويقول: كان سكوته على أربع: الحلم! والحذر! والتقدير! والتفكر! فأما تقديره ففي تسويته النظر والاستماع بين الناس! وأما تذكّره، أو قال تفكّره ففيما يبقى ويفنى!
وجمع له - صلى الله عليه وسلم - الحلم والصبر، فكان لا يغضبه شيء، ولا يستفزه!
¬__________
= شمائل الرسول لابن كثير: 54 في الشمائل للترمذي: 2: 145 "ولا يجيبه"، وقد ذكر شارحها الرواية المذكورة، وقال: والظاهر أنه سهو؛ لأن الخيبة مصدر اللازم، ولا يظهر معناه في هذا المقام.
(¬1) في شمائل الترمذي: لا يتنازعون عنده الحديث.
(¬2) في المرجع السابق: يستجلبونهم، والمعنى يأتون بهم إلى مجلسه ليستفيدوا من أسئلتهم. وفي التيمورية: يستحلونه: البداية: 6: 33 هامش.
(¬3) ارفدوه: أي أعينوه بالعطاء والصلة أو بالشفاعة.
(¬4) المكافئ: المقتصد في ثنائه المقارب في مدحه، أو المكافئ بالثناء على نعمة أنعمها عليه، لا المبتدئ بالثناء.
(¬5) كذا، والرواية في الشمائل: بنهي، ومعنى يجوز: يجاوز الحق.

الصفحة 524