كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

وما من صاحب دين آخر أو مذهب مادي، ينظر في الإسلام نظرةً مجرّدة من التعصّب والهوى، حتى يقرّ باستقامة هذا (الدّين القيّم) وقوّته على قيادة البشريّة قيادةً رشيدةً، وتلبية حاجاتها النامية المتطوّرة في يسر واستقامة!
{وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)}!
فوعد الله قد تحقق في الصورة الظاهرة قبل مضيّ قرن من الزمان بعد البعثة المحمديّة!
ووعد الله ما يزال متحقّقاً في الصورة الموضوعية الثابتة، وما يزال الدّين ظاهراً في حقيقته، في معالم الرسالة، وحياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -!
ويطالعنا بعد ذلك مباشرة قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} [الفتح]!
ونبصر ذكر منزلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالثناء عليه من الله تعالى، وذكر منزلة الصحابة رضي الله عنهم بالثناء عليهم، وأنهم -كما قال ابن كثير (¬1): (خلصت نيّاتهم، وحسنت أعمالهم، وكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم)!
¬__________
(¬1) تفسير ابن كثير: 4: 204.

الصفحة 56