كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

بخلاف الأمور التي يدرك زمانها، فإنها لا يقال إنها مرسلة، بل يحمل على أنه سمعها أو حضرها، ولو لم يصرح بذلك، ولا يختص هذا بمرسل الصحابي، بل مرسل التابعي إذا ذكر قصة لم يحضرها سميت مرسلة، ولو جاز في نفس الأمر أن يكون سمعها من الصحابي الذي وقعت له تلك القصة، وأما الأمور التي يدركها فتحمل على أنه سمعها أو حضرها، لكن بشرط أن يكون سالماً من التدليس!
ويؤيد أنها سمعت ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - قولها في أثناء هذا الحديث: فجاءه الملك فقال: اقرأ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا بقارئ"، قال: "فأخذني .. " إلى آخره!
قال الطيبي (¬1): الظاهر أنها سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم -، لقولها: قال: "فأخذني فغطني".
فيكون قولها: أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حكايته ما تلفظ به صلوات الله عليه!
وهذا كما قال ابن حجر: ظاهر في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرها بذلك، فتُحمل بقيّة الحديث عليه (¬2)!
¬__________
(¬1) الكواكب الدراري: 1: 31.
(¬2) فتح الباري: 8: 716، وانظر: عمدة القاري: 1: 209، وإرشاد الساري: 1: 61، وشرح الزرقاني: 1: 209، ويطول بنا الحديث لو حاولنا ذكر الأقوال في حجية مرسل الصحابي، وحسبنا ما جاء في علوم الحديث لابن الصلاح: 56، والتقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح للعراقي: 80، والنكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر: 2: 570 - 571، وتوجيه النظر: 2: 561، وتدريب الراوي: 1: 207 وما بعدها، وقواعد التحديث: 148، وهدي الساري: 350، وجامع التحصيل: 36 وما بعدها.

الصفحة 571