كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

وقال الراغب (¬1): يعني به جبريل من حيث إنه ينزل بالقدس من الله، أي بما يطهر به نفوسنا من القرآن، والحكمة، والفيض الإلهي!
قال الشوكاني (¬2): والقدس: التطهير، والمعنى: نزله الروح المطهر من أدناس البشرية، فهو من إضافة الموصوف إلى الصفة!
وقال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)} (مريم)

قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: فأرسلنا إليها حين انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً، واتخذت من دونهم حجاباً: جبريل، وبنحو الذي قلنا في ذلك: قال أهل التأويل (¬3)!
وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} (الشعراء)!

قال ابن كثير (¬4): يقول تعالى مخبراً عن الكتاب الذي أنزله على عبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - {وَإِنَّهُ} أي القرآن العظيم .. {لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي أنزله الله عليك، وأوحاه إليك {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} وهو جبريل عليه السلام قاله غير واحد من السلف: ابن عباس، ومحمد بن كعب، وقتادة، وعطية العوفي، والسدي، والضحاك، والزهري، وابن جريج، وهذا مما لا نزاع فيه!
وهنا نلحظ وصف جبريل -عليه السلام- بالحسنيين، فهو طاهر في ذاته مبرأ من كل دنس وإثم، وفي الوقت ذاته أمين على ما نزل به، حفيظ عليه!
¬__________
(¬1) المفردات (قدس).
(¬2) تفسير الشوكاني: 3: 198.
(¬3) تفسير الطبري: 16: 60.
(¬4) تفسير ابن كثير: 3: 347.

الصفحة 578