كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

4 - مراتب الوحي:
ونجد أنفسنا أمام ضرورة الحديث عن مراتب الوحي (¬1)، فيما يلي:

الأولى: (الرؤيا الصالحة): سبق أن ذكرنا أن الرؤيا تقع لغير الأنبياء، وهذا معلوم، بيد أن الرؤية الواردة في الحديث مقيدة بالصالحة، وفي رواية للبخاري ومسلم (الرؤيا الصادقة) (¬2)!
قال الكرماني (¬3): وهما هنا بمعنى، والصالحة إما صفة موضحة للرؤيا؛ لأن غير الصالحة تسمى بالحُلم، كما ورد فيما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي سلمة قال: سمعت أبا قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الرؤيا الصادقة من الله، والحلم من الشيطان" (¬4)!
وإما مخصصة، أي الرؤيا الصالحة لا الرؤيا السيئة، أو لا الكاذبة المسماة بأضغاث الأحلام، والصلاح إما باعتبار صورتها، وإما باعتبار تعبيرها.

قال القاضي عياض: يحتمل أن يكون معنى الرؤيا الصالحة والحسنة حسن
¬__________
(¬1) زاد المعاد: 1: 78، وانظر: الروض الأنف: 1: 269 وما بعدها، وطرح التثريب: 4: 181 - 182، وشرح الزرقاني: 1: 225 وما بعدها.
(¬2) البخاري: 91 - التعبير (6982)، ومسلم: 1 - الإيمان (160).
(¬3) الكواكب الدراري: 1: 31.
(¬4) البخاري: 91 - التعبير (6984، 6995، 7005)، ومسلم (2261)، ومالك: 2: 957، وأحمد: 5: 303، 305، والحميدي (419 - 420)، والدارمي: 2: 124، والبغوي (3274، 3275)، وابن حبان: الإحسان (6059)، وابن أبي شيبة: 7: 239، وأبو داود (5021)، والترمذي (2277)، والنسائي في اليوم والليلة (897، 900، 901)، والكبرى كما في التحفة: 9: 270، وابن ماجه (3909).

الصفحة 579