كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

أنهم لا يجيبونه، وأنه يلزم ذلك منابذتهم ومعاندتهم، فتنشأ العداوة من ثم، وفيه دليل على أن المجيب يقيم الدليل على ما يجيب به إذا اقتضاه المقام (¬1)!

31 - وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً:
(وإِن يدركني) بالجزم بإن الشرطية، و (يومك) فاعل، أي يوم انتشار نبوتك، وفي رواية للبخاري (وإِن يدركني يومك حياً) (¬2)، و (أنصرك) جواب الشرط، و (نصراً) بالنصب على المصدرية، و (مؤزراً) بضم الميم وفتح الزاي المشددة آخره راء مهملة مهموزاً -أي قوياً بليغاً، وهو صفة لـ (نصراً)، وإنكار القزاز الهمز لغةً رُد بقول الجوهري: أزرت فلاناً: عاونته، والعامة تقول: وازرته، وقال أبو شامة: يحتمل أنه من الإزار، إشارة إلى تشميره في نصرته (¬3)!
ولما كان ورقة سابقاً واليوم متأخراً أسند الإدراك لليوم؛ لأن المتأخر هو الذي يدرك السابق، وهذا ظاهره أنه أقر بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه مات قبل الدعوة إلى الإِسلام، فيكون مثل بحيرى (¬4)، وفي إثبات الصحبة له نظر (¬5)!
¬__________
(¬1) فتح الباري: 1: 26، وشرح الزرقاني: 1: 215.
(¬2) البخاري: 65 - التفسير (4953).
(¬3) إرشاد الساري: 1: 67، وشرح الزرقاني: 1: 215 - 216، وانظر: فتح الباري: 1: 27 ومشارق الأنوار (أزر).
(¬4) انظر قصة بحيرى في الترمذي (3620)، وتحفة الأحوذي (3863)، وعيون الأثر: 1: 40، والسيرة النبوية: ابن كثير: 1: 243، والطبقات الكبرى: 1: 150، والروض الأنف: 1: 206، وشرح المواهب: 1: 193، والإصابة: 1: 183، والدلائل: أبو نعيم: 1: 217، (109)، والدلائل: الأصبهاني: 2: 24، والسيرة النبوية: ابن هشام: 1: 236، والجامع الصحيح للسيرة النبوية: 1: 371 وما بعدها.
(¬5) إرشاد الساري: 1: 67، وشرح الزرقاني: 1: 215 - 216، وفتح الباري: 8: 721، والإصابة: 6: 317 - 318 (9132).

الصفحة 614