كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

أحدهما: فيما يتعلق بالمتن من جهة قوله (فيما بلغنا) حيث لم يسنده، وأنه لا يعلم ذلك إلا من جهة المنقول عنه!
والثاني: أنه أول الأمر، أو أنه فعل ذلك لما أخرجه من تكذيب قومه، وفيه بحث؛ إذ عدم إسناده لا يوجب قدحاً في الصحة، بل الغالب على الظن أنه بلغه من الثقات؛ لأنه ثقة، لا سيما ولم ينفرد بذلك .. وروينا أيضاً من طريق الدولابي مما في سيرة ابن سيد الناس، عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن يونس ابن يزيد، عن الزهري، عن عائشة: الحديث، وفيه: (ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي فترة، حتى حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا) إلى آخره (¬1)، فاعتضدت كل رواية بالأخرى، وكل من الزهري ومعمر ثقة، وعلى تقدير الصحة لا يكون قادحاً كما ذكره عياض، لكن بالنسبة إلى أنه في أول الأمر، لاستقرار الحال فيه مدة، بل بالنسبة إلى ما أخرجه من التكذيب، إذ لا شيء فيه قطعاً، بدليل قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)} (الكهف)!
أي قاتل نفسك أسفاً!
قلت: هو مجرد احتمال، يرده صريح قوله: (فيما بلغنا) كما يرده حذفه؛ لأنه يكون مدرجاً كما قال ابن حجر!
وقال الدكتور أبو شهبة (¬2): هذه الرواية ليست على شرط الصحيح؛ لأنها
¬__________
(¬1) عيون الأثر: 1: 85.
(¬2) السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة: 1: 265 - 266 بتصرف، وقد ذكر في بيان أن هذه الرواية موهمة أحاديث لم تسلم أسانيدها من الضعف، لم نذكرها حتى لا نخرج عن موضوع حديثنا!

الصفحة 639