كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

سفيان رضي الله عنه قال (¬1): اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يقم ليلتين أو ثلاثاً، فجاءت امرأة فقالت: يا محمد، إِني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثاً، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} (الضحى)!
وهذه المرأة هي أم جميل العوراء، بنت حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وهي أخت أبي سفيان بن حرب، وامرأة أبي لهب (¬2)!
وسبق أن ذكرنا قول الحافظ ابن حجر: الحق أن الفترة المذكورة في سبب نزول {وَالضُّحَى} غير الفترة المذكورة في ابتداء الوحي، فإن تلك دامت أياماً، وهذه لم تكن إلا ليلتين أو ثلاثاً، فاختلطتا على بعض الرواة، وتحرير الأمر في ذلك ما بينته (¬3)!
وعرفنا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد خوطب قبل فترة الوحي، وقبل أن يأتي إلى أهله في عودته من مفاجأة الغار وتكرار الغط، وبعد أن أقرئ أوائل سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}!
وقد أطال الشيخ عرجون في رده لكلام الحافظ الإسماعيلي بما يتفق وقواعد التحديث أحياناً وما يختلف أخرى (¬4)!
¬__________
(¬1) البخاري: 65 - التفسير (4950)، ومسلم (1797)، وأحمد: 4: 312، ومرويات الإمام أحمد في التفسير: 4: 362 (679)، وابن جرير: التفسير: 3: 231، والطبراني (1709 - 1712)، والترمذي (3345)، وانظر: فتح القدير: 5: 454.
(¬2) فتح الباري: 3: 9، وانظر: المستدرك: 2: 526 - 527.
(¬3) المرجع السابق: 8: 710.
(¬4) انظر: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 1: 417 - 458.

الصفحة 646