كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

إِلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إِنّي قد أُبدع بي فاحْملني، فقال: "ما عندي"! فقال رجل: يا رسول الله! أنا أدلّه على من يحمله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله" (¬1)!
ويروي مسلم وغيره عن أنس رضي الله عنه: ما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الإِسلام شيئًا إِلا أعطاه، قال: فجاءه رجل فأعطاه غنم بين جبلين! فرجع إِلى قومه، فقال: يا قوم، أسلموا، فإِن محمدًا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة!
وفي رواية: أسلموا، فوالله إِن محمدًا ليعطي عطاء ما يخاف الفقر (¬2)!
وقد كان جوده - صلى الله عليه وسلم - لله، وفي ابتغاء مرضاته، فإنه كان يبذل المال تارة لفقير أو محتاج، وتارة ينفقه في سبيل الله، وتارة يتألف به على الإِسلام من يقوى الإِسلام بإسلامه!
والكرم مَجمعةٌ للقلوب، ومجلبة لمحبّة الناس، والكريم لا يُضام، ولا يُخزى، ولا يخذل، يملك بكرمه زمام محبّة الأفئدة، ويستأسر من أكرمهم بإحسانه وفواضله، فيؤثرونه بمودّتهم على كل محبوب .. ولهذا كان في
¬__________
(¬1) مسلم: 33 - الإمارة (1893)، والبخاري: الأدب المفرد (242)، والطيالسي (611)، وعبد الرزاق (20054)، وأحمد: 4: 120، 5: 272، 273، 274، وأبو داود (5129)، والترمذي (2671)، والطحاوي: مشكل الآثار (1546)، والبيهقيُّ: 9: 28، وأبو نعيم: الحلية: 6: 266، وابن عبد البر: جامع بيان العلم وفضله: 1: 16، والبغويُّ (3608)، والطبراني: الكبير: 17: (622، 623، 624، 625، 627، 328، 629، 630، 631، 632)، والخطيب: 7: 383، وابن حبّان (289، 1668).
(¬2) مسلم: 43 - الفضائل (2312)، وأحمد: 3: 108، 175، 259، 284، وأبو يعلى (3302، 3750)، وأبو الشيخ: أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-: 51، والبغويُّ (3691)، وابن خزيمة (2371، 2372)، والبيهقيُّ: 7: 19، وابن حبّان (6373، 6374)، وانظر: ابن كثير: الشمائل: 74.

الصفحة 689