كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

"لقد أوذيتُ في الله، وما يُؤذي أحدٌ، وأْخِفْتُ في الله، وما يُخاف أحدٌ، ولقد أتَتْ علىِّ ثلاثةٌ من يوم وليلة، وما لي وبلالِ يأكله ذو كبد، إِلا ما يُواري إِبْطَ بلالٍ" (¬1)!
ويروي الشيخان وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من يوم أحد؟ قال: "لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدَّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إِذ عرضتُ نفسي على ابن عبدِ ياليل بن عبد كُلال، فلم يُجبني إِلى ما أردت، فانطلقت، وأنا مَهمومٌ على وجهي، فلم أسْتفِق إِلا وأنا بِقَرن الثعالب، فرفعتُ رأسي، فإِذا أنا بسحابة قد أظلّتني، فنظرت فإِذا فيها جبريلُ، فناداني فقال: إِن الله قد سمع قول قومك لك، وما رَدُّوا عليك، وقد بعث الله إِليك ملَك الجبال لتأمُره بما شِئتَ فيهم، فناداني ملَكُ الجبال، فسلّم عليّ، ثم قال: يا محمَّد، فقال ذلك فيما شِئْتَ، إِن شِئْتَ أَنْ أُطْبق عليهم الأخشبَيْن، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: بل أرجو أنْ يُخرْجَ الله مَن أصلابهم مَن يَعبُدُ الله وحده، لا يُشركُ به شيئًا" (¬2)!
¬__________
(¬1) أحمد: 3: 120، 286، والضياء: المختارة (1634)، وابن أبي شيبة: 11: 264، 14: 300، وعبد بن حميد (1317)، وأبو يعلى (3423)، والترمذي (2472)، والشمائل (137)، والبيهقيُّ: الشعب (1632)، وابن ماجه (151)، وأبو نعيم: الحلية: 1: 150، والبغويُّ (4080)، وابن حبّان (6560).
(¬2) البخاريُّ: 59 - بدء الخلق (3231)، وانظر (7389)، ومسلم (1795)، وابن خزيمة: التوحيد: 47 - 48، والآجري: الشريعة (459)، والبيهقيُّ: الأسماء والصفات: 176، والنسائيُّ: الكبرى كما في التحفة: 12: 106، وابن حبّان (6561)!
والأخشبان -كما قال ابن حجر-: الفتح: 6: 316 هما جبلا مكة (أبو قبيس)، والذي يقابله، وكأنه (قعيقعان)، وقال الصفاني: بل هو الجبل الأحمر الذي يشرف على =

الصفحة 740