كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

أيّ القرآن أنزل أوّل؟ فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}! فقلت: أنبئت أنه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}! فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله: أيّ القرآن أنزل أول؟ فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فقلت!: أنبئت أنه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}! فقال: لا أخبرك إِلا بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جاورت في حراء، فلمَّا قضيت جواري هبطت، فاستبطنت الوادي، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، فإِذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض، فأتيت خديجة، فقلت: دثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردًا، وأنزلت عليّ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} (المدثر)!
وحديث بدء نزول الوحي مشهور -كما أسلفنا في حديث بدء الوحي- والمراد بالأوليّة هنا -كما قال ابن حجر (¬1) - أوليّة مخصوصة بما بعد فترة الوحي، أو مخصوصة بالأمر بالإنذار، لا أن المراد أنها أوليّة مطلقة، فكأن من قال أوّل ما نزل {اقْرَأْ} أراد أوليّة مطلقة، ومن قال إنها {الْمدَّثِّر} أراد بقيد التصريح بالإرسال!
قال الكرماني: استخرج جابر: أول ما نزل: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} باجتهاد، وليس هو من روايته!
والصحيح ما سبق في حديث بدء الوحي!
¬__________
= (1688، 1693)، والطبري: 29: 143، وأبو عوانة: 1: 113، 114 - 115، وأبو يعلى (1948، 1949، 2225)، وأبو نعيم: الدلائل: 1: 278، والبيهقي: الدلائل: 2: 138، 155، 156، والواحدي: أسباب النزول: 295، والترمذي (3325)، والنسائي: الكبرى (11632، 11633)، والتفسير (651)، وابن حبان (34، 35).
(¬1) فتح الباري: 8: 678.

الصفحة 765