كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

7 - وصايا قرآنيّة:
ويطالعنا النداء العلويّ الجليل، للأمر العظيم الثقيل .. نذارة هذه البشريّة وإيقاظها، وتخليصها من الشرّ في الدنيا، ومن النار في الآخرة، وتوجيهها إلى طريق الخلاص قبل فوات الأوان .. وهو واجب ثقيل سياق، حين يناط بفرد من البشر -مهما يكن نبياً ورسولاً- فالبشرية امتلأت من الضلال والعصيان، والتمردّ والعتوّ، والعناد والإصرار، والالتواء، والتفصّي من هذا الأمر، بحيث تجعل من الدعوة أصعب وأثقل ما يكلفه إنسان من المهام في هذا الوجود (¬1)!
{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)}!
والإنذار هو أظهر ما في الرسالة، فهو تنبيه للخطر القريب الذي يترصّد للغافلين السادرين في الضلال وهم لا يشعرون .. وفيه تتجلّى رحمة الله بالعباد، وهم لا ينقصون في ملكه شيئاً حين يضلّون، ولا يزيدون في ملكه شيئاً حين يهتدون، غير أن رحمته اقتضت أن يمنحهم كل هذه العناية، ليخلصوا من العذاب الأليم في الآخرة، ومن الشرّ الموبق في الدنيا، وأن يدعوهم رسله ليغفر لهم ويدخلهم جنته من فضله!
ثم يوجه الله رسوله في خاصّة نفسه، بعد إذ كلّفه نذارة غيره:
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)}!
فهو وحده الكبير، الذي يستحقّ التكبير، وهو توجيه يقرر جانباً من التصوّر الإيماني لمعنى الألوهيّة، ومعنى التوحيد!
¬__________
(¬1) في ظلال القرآن: 6: 3754 وما بعدها بتصرف.

الصفحة 766