كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

كل ذي حقّ حقّه! فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صدق سلمان" (¬1)!
أما الغيريون المترفون، فإليهم يوجّه نداء القرآن الكريم: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)} (الأحقاف)!
نعم، إنها موازنة، ليست موازنة عدديّة، تتكافأ فيها الأرقام في كل باب، ولكنها موازنة رشيدة، تختلف باختلاف الناس وثرواتهم وأعبائهم، وسائر ملابساتهم .. موازنة تراعى فيها مصالح الدنيا والآخرة جميعاً، على بصيرة وعلى قدر: {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)} (الرحمن)!
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)} (البقرة)!

كيف عالج القرآن رذيلة البخل؟!:
وإذا كنا قد عرفنا أن القرآن الكريم حين أمرنا أن نطهّر ثيابنا أرادها منا طهارة شاملة كاملة، حسّية ومعنويةً، ظاهرةً وباطنة .. وعرفنا -كذلك- أيّ نوع من الطهر خصّه القرآن بمزيد من عنايته، وجعل له الصدارة في طليعة دعوته .. وتبيّن لنا أن حملته التطهيريّة الأولى كانت مركّزة على مكافحة
¬__________
(¬1) البخاري: 30 - الصوم (1968)، وانظر (6139)، وأبو يعلى (898)، والترمذي (2413)، وابن خزيمة (2144)، والبيهقي: 4: 276، والدراقطني: 2: 176، وأبو نعيم: 1: 188، وابن حبان (320).

الصفحة 779