كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

وآدابها، مما يجعل أصحابه -رضي الله عنهم- يحبّونه أكثر من حبّهم لأنفسهم ومن حبّهم لأهليهم وأقربائهم!
وتسجل سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - القائد الشجاع، والمحارب المنتصر، والسياسي الناجح، والجار الأمين, والمعاهد الصادق!
ونحن لا نجد مثل هذا الشمول ولا هذا التكامل، ولا قريباً منهما، فيما بقي لنا من سير الرسل السابقين، عليهم صلوات الله وتسليماته!
فموسى -عليه السلام- لا نجد في أسفار التوراة الخمسة (¬1)، إلا أنه بعد ولادته تربّى في قصر فرعون، ولما بلغ مبلغ الرجال نصر قومه، ثم خرج إلى مدين وتزوج فيها، وأقام هناك برهة من الزمن، ثم رجع إلى مصر، وبينما هو في الطريق أُوحي إليه من ربه، ثم لقي فرعون وأراه آيات بينات، وخرج بقومه، ووجد في البحر طريقاً بإذن الله، وتبعه فرعون فأدركه الغرق، ودخل بقومه أرض الشام، وقد اختتم سفر التثنية بهذه الفقرات: 54: 5 - 10.
(إِن عبد الله موسى مات بإِذن الله في أرض موآب، ودفنه الله في الجواء في أرض موآب، مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إِلى هذا اليوم، وكان موسى ابن عشرين ومائة حين جاءه الموت .. ولم يقم بعد نبي في بني إِسرائيل مثل موسى)!
هذه الكلمات من سفر التثنية، وهو السفر الخامس من التوراة، ولا يخفى أن تلك الكلمات لم ينطق بها موسى عليه السلام، وهذا يدل على أن هذا الكلام ليس لموسى، وأن الدنيا تجهل كاتب هذه السيرة لموسى!
¬__________
(¬1) الرسالة المحمدية: 54.

الصفحة 97