كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية (اسم الجزء: 1)
ومما يلفت النظر قول القائل:
(ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم)!
وقوله: (ولم يقم بعد نبي في بني إسرائيل مثل موسى)!
وفي هذا دلالة على أن هذا الجزء قد أضيف إلى سيرة موسى بعد زمان طويل كان يرجى فيه أن يقوم في بني إسرائيل نبي يسد فراغ موسى، فنوّه كاتب السفر بأنه لم يقم بعد مثله!
ومع هذا العمر الطويل نتساءل:
ما الذي نعرفه عن حياة موسى الطويلة؟ وبأي الأعمال شغل فراغ حياته المباركة؟ وما النواحي التي نعلمها واضحة مفصلة من سيرته، مما كان ينبغي أن يعلم، لتحسن به الأسوة؟
إن الأمور التي يحتاج البشر إلى معرفتها من حياة موسى الاجتماعيّة هي الأخلاق والعادات والهدي، وكل ذلك لا نجده في سيرته، ومع ذلك فموسى - عليه السلام - يمثل القائد الذي أنقذ أمته من العبوديّة، ووضع لها من القواعد والمبادئ ما يصلح لها وحدها في عصر رسالته وكفى، ولكننا لا نجد في سيرته ما يجعله قدوة للمحاربين أو السياسيّين، أو رؤساء الدول، مثلاً!
ويستغرب المرء حين يعلم أن شؤون حياة عيسى -عليه السلام - وأحوال معيشته، أخفى من غيره وأغمض، وقد أسدل الزمان عليها حجاباً أكثف مما نراه في حياة غيره من الرسل!
وإن أوروبّا المسيحية قد حملها حافز البحث والكشف عن أن تستثير بطون الصحارى، وقلل الجبال، وأطراف الصخور، والأطلال الدارسة، ومظان
الصفحة 98
1884