كتاب منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل
القَطَواني صحيح في أهل المدينة، ضعيف في غيرها (¬1)، وهكذا تكون هذه المؤشرات دلالات واضحة لتعليل الحديث، وسوف نأخذ نموذج يوضح ذلك:
المثال: قَالَ البرقاني في العلل وسئل - الدارقطني -: " عن حديث الأسود، عن عمر - رضي الله عنه -: ((كَانَ رسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ قَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ)) (¬2).
فقال - الدارقطني -: يرويه إسماعيل بن عياش (¬3)، عن عبدالملك بن حميد بن أبي غنية عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأسود، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وخالفه إبراهيم النخعي رواه، عن الأسود، عن عمر قوله غير مرفوع، وهو الصحيح" (¬4).
قلتُ: وقرينة العلة التي أشار إليها الدارقطني هي: أنَّ إسماعيل بن عياش روى هذا الحديث عن عبدالملك بن حميد بن أبي غنية وهو كوفي (¬5)، وإسماعيل بن عياش ضعيف
في غير الشاميين، كما قال جمع من أئمة النقد، وقد نقل ذلك الحافظ ابن رجب في شرح العلل فقال: " إذا حدث عن الشاميين فحديثه عنهم جيد وإذا حدث عن غيرهم فحديثه مضطرب، هذا مضمون ما قاله الأئمة فيه، منهم أحمد، ويحيى، والبخاري، وأبو زُرْعَةَ " (¬6).
¬_________
(¬1) ابن رجب: شرح علل الترمذي (ص420 - 421).
(¬2) هو إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي، أبو عتبة الحمصي (ت: 181 أو 182 هـ)، صدوق فى روايته عن أهل بلده، مخلط فى غيرهم، أخرج له الأربعة، تهذيب التهذيب (ج1/ص 280).
(¬3) أخرجه الدارقطني: في السنن، (ج1/ص299 - 300)، من طريق الأسود عن عمر موقوفاً.
(¬4) أبو الحسن الدارقطني، كناب العلل (ج2/ص141 - 142)، سؤال رقم (165).
(¬5) هو عبدالملك بن حميد بن أبى غنية الخزاعي الكوفي (ت:؟)، ثقة من الطبقة السابعة، من كبار أتباع التابعين، أخرج له الستة، تهذيب التهذيب (ج6/ ص 349).
(¬6) ابن رجب: شرح علل الترمذي (ص420).