كتاب ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية

قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال ابن إسحاق-رحمه الله-: "وحدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخو بني عدي ابن النجار قال: انتهى أنس بن النضر عمّ أنس بن مالك، إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله، في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقَوْا بأيديهم، فقال: ما يجُلسكم؟ قالوا: قُتِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قُتل، وبه سُمي أنس بن مالك. قال ابن إسحاق: فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة، فما عرفه إلا أخته، عرفته ببنانه (¬1) ".
والقاسم بن عبد الرحمن ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا (¬2). ثم إن الخبر مرسل.
ويَبْعد أن يستسلم الفاروق عمر وطلحة لمثل هذه الإشاعة فيلقوا أسلحتهم وَيَدَعُوا القتال، بل إن عمر كان ممن أنكر موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما مات، حتى خرج أبو بكر وعمر يُكلم الناس فقال: اجلس ياعمر، فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس إليه وتركوا عمر. فقال أبو بكر: أما بعد. .. الحديث (¬3)، قال ابن حجر: "في حديث ابن عمر عند ابن أبي شيبة: أن أبا بكر مرّ بعمر وهو يقول: ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين .. (¬4) ".
وأما طلحة فقد كان يوم أحدٍ يومه، أخرج البخاري عن قيس بن حازم قال "رأيتُ يد طلحة شلاّء، وقى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد (¬5) ".
¬__________
(¬1) الروض الأنف (5/ 445، 446).
(¬2) الجرح والتعديل (7/ 113).
(¬3) البخاري (4454).
(¬4) فتح الباري (8/ 146).
(¬5) برقم (4063).

الصفحة 145