كتاب ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية

وفي إسناد القصة جهالة شيخ صالح بن إبراهيم. ورواه البيهقي في (الدلائل (¬2)) عن موسى بن عقبه مرسلًا. وقال الهيثمي في (المجمع) رواه الطبراني مرسلًا، وفيه ابن لهيعة أيضًا (¬3).
وما لقيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنه - من أذى المشركين جاء في أحاديث صحيحة كثيرة. وقد بوّب الإِمام البخاري -رحمه الله-، في صحيحه في كتاب مناقب الأنصار: "باب ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المشركين بمكة (¬4) ".
وقول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل أصدق بيت، كما روى ذلك الإمامان البخاري ومسلم -رحمه الله- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أصدق بيت قاله الشاعر ألا كل شيء ما خلا الله باطل (¬5) ". ويبعد أن تسكت قريش عن قول لبيد وتصديق عثمان له، وكلامه متضمن بطلان آلهتهم.

تنبيه: ما اشتهر من كون رجوع بعض مهاجري الحبشة إلى مكة هو بلوغهم إسلام مشركي مكة مرتبط بحادثة الغرانيق، وسبق الحديث عنها، ولذا قال الشيخ الألباني: "وأما بلوغ ذلك إلى مهاجري الحبشة، وانهم عادوا من أجل ذلك إلى مكة، فمما لم أقف عليه في رواية صحيحة، وإنما هي مراسيل لا تقوم بها حجة .. (¬6) ".
فائدة: مما يتعلق بعثمان بن مظعون - رضي الله عنه - ما روي أنه أول من دفن بالبقيع، وأفاد الشيخ الألباني -رحمه الله- أنه لم يرَ ذلك متصلًا من وجهٍ يُحْتَجُ به، وأن مداره على الواقدي. (السلسلة الصحيحة 7/ 165).
¬__________
(¬2) دلائل النبوة (2/ 291).
(¬3) مجمع الزوائد (6/ 34).
(¬4) البخاري (7/ 164 فتح).
(¬5) البخاري، كتاب الرقاق، باب الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك (11/ 321 فتح) ومسلم: كتاب الشعر (15/ 12 نووي).
(¬6) صحيح السيرة النبوية (208).

الصفحة 64