كتاب ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية

هجرة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه
ومما اشتهر أن الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما أراد أن يهاجر من مكة إلى طيبة الطيبة، تقلّد سيفه ومضى قِبَل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت، ثم أتى المقام فصلى، ثم وقف فقال: "شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يُثكل أُمّه، أو يؤتم ولده، أو ترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي (¬1) ".
قال الألباني -رحمه الله- في رده على البوطي الذي نقل هذه القصة عن ابن الأثير "جزمه بأن عمر - رضي الله عنه - هاجر علانية اعتمادًا منه على رواية عليّ - رضي الله عنه - المذكورة، وجزمه بأن عليًا رواها ليس صوابًا؛ لأن السند بها إليه لا يصح، وصاحب (أسد الغابة) لم يجزم أولًا بنسبتها إليه - رضي الله عنه - وهو ثانيًا قد ساق إسناده بذلك إليه لتبرأ ذمته، ولينظر فيه من كان من أهل العلم، وقد وجدتُ مداره على الزبير بن محمَّد بن خالد العثماني: حدثنا عبد الله بن القاسم الأملي (كذا الأصل ولعله الأيلي) عن أبيه بإسناده إلى علي. وهؤلاء الثلاثة في عداد المجهولين، فإن أحدًا من أهل الجرح والتعديل لم يذكرهم مطلقًا .. (¬2) " ا. هـ كلام الألباني.
وذكرها الصالحي (¬3) معزوة إلى ابن السّمان في (الموافقة). وعزاها أبو تراب الظاهري (¬4) إلى ابن عساكر وابن السمان.
وقال الدكتور أكرم العمري: "وأما ما روي من إعلان عمر الهجرة وتهديده من يلحق به فلم يصح (¬5) ".
¬__________
(¬1) أُسد الغابة في معرفة الصحابة (4/ 58).
(¬2) دفاع عن الحديث النبوي والسيرة. ص 43.
(¬3) سُبل الهدى والرشاد (5/ 225).
(¬4) الأثر المقتفى لهجرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ص 106.
(¬5) السيرة النبوية الصحيحة (1/ 206).

الصفحة 70