كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

الخلفاء الراشدين، فهو رابعهم في الفضل وفي الخلافة، فهو أفضل الصحابة على الإطلاق بعد الخلفاء الثلاثة.
ومسألةُ المُفَاضَلَة بين عليٍّ وعثمانَ رضي الله عنهما من المسائل التي وقع فيها خلاف بين السلف رحمهم الله، فمنهم مَن ذَكَرَ فضل الثلاثة ولم يزد على ذلك، وقال: أفضل الأمة بعد نبيها: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان وسكت، ومنهم من ربَّع بعليٍّ، ومنهم من قدَّم عليَّاً على عثمان، ومنهم من توقَّف، وقد ذكر هذه الأقوال وأشار إليها شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة في «العقيدة الواسطية» حيث يقول: (مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَانُوا قَد اخْتَلَفُوا فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيم أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ- أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَقَدَّمَ قَوْمٌ عُثْمَانَ وَسَكَتُوا، أو رَبَّعُوا بِعَلِيٍّ، وَقَدَّم قَوْمٌ عَلِيًّا، وَقَوْمٌ تَوَقَّفُوا، لَكِن اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ) وهذا هو الصواب، وقد صحَّ عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: (كنا نقول -ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم حيٌّ-: خيرُ هذِهِ الأُمَّة بعد نبيها: أبو بكرٍ ثم عمرُ ثم عثمانُ) (1).
فما ذكره الناظم هنا من أن علياً رضي الله عنه هو رابعُ الخلفاءِ الرَّاشِدِين هو الحقُّ والصوابُ.
ولعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فضائل ومناقب جاءت بها السنَّة:
منها: ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى».
ومنها: ما جاء في حديث سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رضي الله عنه المتفق عليه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال يوم خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ الله على يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ، قال: فَبَاتَ الناس يَدُوكُونَ
__________
(1) تقدم تخريجه (ص 94).

الصفحة 112