كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

العباس رضي الله عنه أنَّ قريشاً يجفون بني هاشم قال: «والله لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ امْرِئٍ إِيمَانٌ حتى يُحِبَّكُمْ لله عز وجل - يعني لدينكم وإيمانكم بالله- ولقرابتي» وفي رواية: «حتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» (1).

قال الناظمُ رحمه الله:

40. أَعْنِي أَبَا الحَسَنِ الإِمَامَ وَمَنْ لَهُ ... بَينَ الأَنَامِ فَضَائِلٌ لَمْ تُجْحَد
في هذا البيت صرَّح الناظمُ رحمه الله بالمعْنِيِّ في البيتين السابقين، فلما ذكر صفاته ومناقبه أوَّلاً، عيَّنه وبيَّنَه بعد ذلك بقوله: «أَعْنِي أَبَا الحَسَنِ» وهذه كنيةُ عليٍّ رضي الله عنه، وهو مشهورٌ بها؛ لأنَّ الحَسَن أكبرُ من الحسين رضي الله عنهما، فالحسن هو أكبرُ وَلَدَيهِ من فاطمة رضي الله عنهم أجمعين.
وقوله: «الإِمَامَ» لم يكن يُعرفُ رضي الله عنه في خلافتِهِ بـ «الإمام»، بل كان يلَقَّبُ بـ «أمير المؤمنين»، والتلقيب بـ «أمير المؤمنين» بدأ من زمن عمرَ رضي الله عنه، أما الذين يلقِّبُونَ عليَّاً رضي الله عنه بـ «الإِمَام» فهم الرافضة، ولكن قد يجري على ألسنة بعض أهل السُنَّة إطلاق اسم «الإمام» على عليٍّ رضي الله عنه، وهو -ولا شكَّ- إمامٌ، ولكن الإمامة في الدِّين لا تختص به، بل هي
__________
(1) أخرجه الترمذي في «جامعه» (5/ 652 رقم 3758) -واللفظ له- وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وأخرجه أيضاً ابن أبي شيبة في «المصنف» (6/ 382 رقم 32211)، وأحمد في «المسند» (4/ 165 رقم 17550 و 17551)، و (1/ 207 رقم 1777)، وفي «فضائل الصحابة» (2/ 918 رقم 1757)، والبزار في «مسنده» (6/ 131 رقم 2175 و 2176)، والنسائيُّ في «الكبرى» (5/ 51 رقم 8176)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ص 453 رقم 470)، جميعهم من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد المطلب -ويقال: المطلب- بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه.
وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (2/ 933 رقم 1792)، وابن ماجه في «سننه» (1/ 50 رقم 140) كلاهما من طريق الأعمش عن أبي سبرة النخعي عن محمد بن كعب القرظي عن العباس رضي الله عنه.

الصفحة 116