كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

متحققة له ولغيره من الخلفاء الراشدين وسائر علماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
وقوله: «وَمَنْ لَهُ بَينَ الأَنَامِ» أي بين الخَلِيقَة، «فَضِائِلٌ» جمعُ (فضيلة)، وهو من صيغ منتهى الجموع التي لا تنصرفُ ولا تُنَوَّنُ، ونُوِّنَت هنا من أجل استقامة النظم، وهذا جائزٌ في الشعر.
وقوله: «لم تُجْحَدِ» أي لا سبيل إلى جَحْدِهَا وإنكارها، ومن فضائله التي لا تجحد ما تقدَّمت الإشارة إليه، وأيضاً فقد جمع الله له بين فضل الإيمان، والهجرة، والنصرة والجهاد، والصحبة العظيمة الطويلة من صغره رضي الله عنه حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صاحبُه وصِهْرُه وقرِيبُهُ رضي الله عنه وأرضاه، ورزقنا حُبَّهُ وحُبَّ جميع الصحابة والقرابة.

قال الناظمُ رحمه الله:

41. وَلإبْنِ هِنْدٍ في الفُؤادِ مَحَبَّةٌ ... وَمَوَدَّةٌ فَلَيَرْغَمَنَّ مُفَنِّدِي
لما فرغ الناظمُ رحمه الله من ذِكْر الخلفاءِ الرَّاشدين وما لهم من المناقب والفضائل أعقَبَهُم بذكرِ معاويةَ بنَ أبي سفيان رضي الله عنه، فقال: «وَلإبْنِ هِنْدٍ» قطع همزة «ابن» للوزن، ونَسَبَهُ النَّاظمُ لأُمِّهِ هند بنتِ عُتْبَةَ رضي الله عنها، وأما أبوه فهو أبو سفيانَ صَخْرُ بنُ حَرْبٍ سيِّدُ قريشٍ.
وهندُ بنتُ عُتْبَةَ امرأةٌ فاضِلةٌ عاقِلَةٌ، وهي التي قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما بايعَ النساءَ على ألاَّ يُشْرِكن بالله شيئاً ولا يَسْرِقْنَ ولا يَزْنِينَ: «أَوَتَزْنِي الحُرَّةُ؟»، وهي أيضاً التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعْطِينِي من النَّفَقَةِ ما يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إلا ما أَخَذْتُ من مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَلْ عَلَيَّ في ذلك من

الصفحة 117