كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

من نعمةٍ للعباد إلا من الله عز وجل: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل:53]، وهكذا ينبغي للمسلم في جميع ما أنعم الله به عليه من النعم الدينية والدنيوية أن يضيف ذلك كله إلى الله عز وجل، كما جاء في حديث سَيِّدِ الاستغفار: «أَبُوءُ لك بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ» (1) يعني أعترف لك بالإِنْعَامِ والإِفْضَال، فكلُّ ما عندي من نعمةٍ فهي منك يا ألله، وبهذا يكون العبدُ شاكراً لنعمة الله عليه، فإنَّ أوَّلَ الشكرِ الاعترافُ بحقِّ المُنعِمِ وعظيمِ فَضْلِهِ.
وقد أحسن الناظمُ رحمه الله في هذا الخِتَام من حيث بيَّن مقصوده، وبيَّن كذلك فضل الله عليه ولم ينسب ذلك إلى نفسه وعلمه وقدرته، بل أضاف ذلك إلى ربه عز وجل، وأنه هو الذي أمدّه وأيّده، نسأله سبحانه وتعالى أن يمدنا بتوفيقه وتأييده.
فجزى الله الناظم خيراً على ما بيَّنَه وقَصَدَ إليه في هذه القصيدة من بيان الحق، وما قرَّره من مذهب أهل السنَّة والجماعة في الإيمان وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما وقع في بعض المواضع من هذه القصيدة من ملاحظة أو استدراك أو نحو ذلك، سواء أكان في ما أجمله الناظم، أم في ما صرَّح به ونصَّ عليه فله أسوةٌ بغيرِه من أهلِ العلم، وكثيرٌ من أهل العلم دَخَلَت عليهم هذه المذاهب الكَلاَمِيَّة ووقعوا فيها عن اجتهادٍ وحسنِ نِيَّةٍ فغفر الله لهم ورحمهم ورضي عنهم.
وعلى كلِّ حالٍ فأبو الخطَّاب أحدُ العلماءِ المعروفين بالفقه والدِّين والصلاح فرحمه الله وجزاه الله خيراً.
__________
(1) أخرجه البخاريُّ (5/ 2323 رقم 5947) من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.

الصفحة 124