كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

تُجمَع على «خَرَائِد»، مثل: صحيفة وصحائف، وفريدة وفرائد، كما أنَّ «خَرِيدَة» تُجمَعُ أيضاً على «خُرُد»، والمراد بـ «الخريدة»: البِكْرُ النَّاعِمَة.
والمعنى: دع عنك الشَّوْقَ والتَّوَقَان بتَذَكُّر الآنِسَات والنِّسَاءِ النَّاعِمَات، ولا تُعَلِّقْ قلبَك وفكرَك بِهِنَّ، ولا تَشْغَل نفسَك بذلك.
ولا شك أن فتنة النساء هي أعظم فتنة للرجال، كما جاء في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ» (1)، وما أكثر ما صرفت فتنةُ النساء النفوسَ عن المطالب العالية (2)، فلا بد حينئذٍ من الإعراضِ عن التعلُّقِ بالآنِسَات الخُرَّدِ والشوق نحوهن.

قال الناظمُ رحمه الله:

2. وَالنَّوْحَ في أَطْلاَلِ سُعْدَى إِنَّمَا ... تَذْكَارُ سُعْدَى شُغْلُ مَنْ لم يَسْعَد
هذا البيت متصلٌ في المعنى بالبيت الذي قبله. فقوله: «وَالنَّوْحَ في أَطْلاَلِ» أي: ودع عنك النَّوحَ وهو: البكاء، «في أَطْلاَلِ» جمع طَلَل، وهو البِنَاءُ الدَارِسُ البَالِي، وعادةُ العُشَّاقِ أنهم يذهبون إلى ديار محبوباتهم ومعشوقاتهم ويَنُوحُون عليهنَّ، وهذا مثل قول الشاعر (3):
__________
(1) متفقٌ عليه، أخرجه البخاري (5/ 1959 رقم 4808)، ومسلم (4/ 2097 رقم 2740).
(2) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/ 514): (وَأَكْثَرُ مَا يُفْسِدُ المُلْكَ [وفي بعض النسخ: المِلَلَ] وَالدُّوَلَ طَاعَةُ النِّسَاءِ).
(3) هو: قيس بن الملوح بن مزاحم، المعروف بـ «مجنون ليلى»، وهذان البيتان في «ديوانه».

الصفحة 37