كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

إذا شاء، لم يَحدُث له أن صار متكلِّمَاً بعد أن لم يكن، ولكن آحاد كلامه سبحانه تحدث تبعاً لمشيئته؛ ولهذا يُعَبَّر عن هذا بأنَّ الكلامَ قديمُ النَّوعِ حادِثُ الآحاد (1).
فعبارة الناظم مجملةٌ، وهذا الإطلاق غَلَطٌ، وعبارتُه مُشْعِرَةٌ بأنَّه ممن يقول بِقِدَمِ جميعِ الصفات، وأنَّه تعالى لا تقوم به الصفات الفعلِيَّة، أو أنَّ ما يُسَمَّى بـ «الصفات الفِعْلِيَّة» قديمَةٌ لا تتعلق بها المشيئة، فبهذا لا يتضح لنا مذهبه في هذه المسألة.
فهو إما أنه ينتهج منهج الكُلاَّبِيَّة القائلين بإثبات صفات فعلية لكن قديمة لا تتعلق بها المشيئة.
أو أنه ينتهج منهج الأشاعرة أو السالمية، وكلُّهم ممن ينفي قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه كالنزولِ، والمجيءِ، وحقيقةِ الاستواء وما أشبه ذلك.

قال الناظمُ رحمه الله:

15. قَالُوا: فَهَل لله عِنْدكَ مُشْبِهٌ؟ ... قلتُ: المُشَبِّهُ في الجَحِيمِ المُوصَدِ (2)
قوله: «قَالُوا: فَهَل لله عِنْدكَ مُشْبِهٌ؟» يعني: هل أنت تقول بأن لله شبيهاً من خلقه؟
__________
(1) ينظر: «شرح الرسالة التدمرية» للشارح حفظه الله (ص 340 - 343).
وينظر أيضاً: «منهاج السنة النبوية» (2/ 123 - 131)، و «مجموع الفتاوى» (9/ 300 - 301)، و «الصفدية» (2/ 85 - 87)، و «شرح العقيدة الطحاوية» (ص 113 - 115)، وتعليق العلامة الشيخ عبدالله البابطين رحمه الله على «لوامع الأنوار البهية» للسفَّاريني (1/ 38 و 112)، وكذلك حاشية العلامة ابن قاسم رحمه الله على «الدرَّة المُضِيَّة» للسفاريني (ص 9 - 10 و 31 - 32).
(2) وقع في بعض النسخ: (المُوقَدِ) بالقاف.

الصفحة 54