كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

فأجاب بقوله: «قلتُ: المُشَبِّهُ في الجَحِيمِ المُوصَدِ» وهذا الجواب مقتضاه أنه يُكَفِّرُ المُشَبِّه، ولذا قال: إنَّ «المُشَبِّهُ في الجَحِيمِ المُوصَدِ» أي: في جهنم دار العذاب، الموصدة على أصحابها، نعوذ بالله من النار.
و «المشَبِّه»: هو الذي يقول: إنَّ صفات الله مثل صفات عباده، فيقول: له سمعٌ كسمعي، وبصرٌ كبصري، ويدٌ كيدي، وحُبٌّ كحُبِّي، ونحو ذلك (1).
وقد قال بعض أهل السنة: من شَبَّه الله بخلقه كَفَر، ومن جَحَدَ ما وَصَفَ الله به نفسه فقد كَفَر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم تشبيهٌ (2).
__________
(1) أخرج ابن بطة في «الإبانة» (3/ 326 - 327) بإسنادٍ صحيحٍ عن حنبل بن إسحاق أنه قال: قلتُ لأبي عبد الله -يعني: الإمام أحمد-: والمشبهة ما يقولون؟ قال: (من قال: بصرٌ كبصري، ويدٌ كيدي، وقدمٌ كقدمي فقد شَبَّه الله بخلقه).
وكلامُ الإمامِ أحمدَ هذا ذَكَرَهُ شيخُ الإسلامِ ابن تيمية في كثيرٍ من كُتُبِهِ كـ «درء التعارض» (2/ 32)، و «بيان تلبس الجهميَّة» (1/ 432 و 476) و (2/ 165)، وذكره كذلك تلميذه ابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص 132)، وذكره غيرُهما.
(2) القائل هو: نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ الخُزَاعيُّ -شيخُ البخاريِّ-.
ومقولته هذه أخرجها ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (62/ 163)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (2/ 532)، والذهبي في «العلو» (ص 126)، وفي «العرش» (2/ 238)، وفي «السير» (10/ 610) وقال (13/ 299): (وما أحسن قول نعيم بن حماد الذي سمعناه بأصحِّ إسنادٍ) ثم ذكره.

الصفحة 55